بقلم القس، ستيفانو ماريوتي
تحدَّث “هومر سيمبسون” بكلماتٍ تجعلنا نبتسم، عِند تقدُّمهِ للعمل كحارسٍ في سجن الأحداث، قائلاً: “أنا أؤمن أنّ الأطفال هم مستقبلنا -ما لم نوقفهم عمّا يفعلونه الآن”. وبالمِثل عبارة “الأطفال هم مستقبل الكنيسة” خاطئة إلى حدٍ ما.
الأطفال، مثل أي جيل آخر في كنائسنا، هم الحاضر. إذا فكَّرنا بخلافِ ذلك، فإننا نُخاطر بإسقاط كل فهمنا اللاهوتي والممارسات الكنسيَّة تجاه المستقبل، بينما نوقف الأطفال في مدرسة الأحد. من ناحيةٍ أخرى، إذا رأينا أطفالنا كجزءٍ لا يتجزأ من كنيسةِ اليوم، فكيف نُشرِكَهم في حياة شعب الله؟
لقد سألنا أنفسنا هذا السؤال من البداية، عندما بدأنا زراعة كنيسة صغيرة في ريف شمال إيطاليا. حيث كانت تتشكَّل تلك الكنيسة بشكل أساسيّ من عُزَّابٍ وأزواجٍ، من عائلة شجاعة واحدة كانت تهتم بتربيّة أطفال الكنيسة الوحيدين لعدَّة سنوات.
اثنان من المخاطِر عليكم تجنُّبهما
أثناء ذلك الوقت، رأينا خطرين يجب عليكم تجنُّبهما:
1. معاملتهم كأبرياء في حين أنهم ليسوا كذلك.
بقدر ما هم لُطفاء وجذَّابون مثل جميع الأطفال، خاصةً عندما ينامون، إلاّ أنهم أيضًا يقعون في الخطيّة، حيث قد “أَخْطَأَ الْجَمِيعُ” (رومية 12:5). لقد كتب بولس في إصحاح سابق “أَنَّهُ لَيْسَ بَارٌّ وَلاَ وَاحِدٌ” (رومية 10:3)، وفي الأعداد التالية يتحدَّث عن حناجر وألسنة وشفاه وأفواه فاسدة. في الحقيقة، أنا لم ألتقِ مطلقًا بآباءٍ كان عليهم تعليم أطفالهم كيفيّة الكذب، لكن ما هو مقدار الجهد الذي يتطلَّبه الأمر لتوضيح طريق الحقّ لهم! فللبالغين والأطفال نفس الحاجة لقبول المسيح والعيش في ضوء نعمة الإنجيل.
2. عدم مشاركة الإنجيل معهم لأنَّهم “ليسوا قادرين على الفهم بعد”.
هذا بالتأكيد ليس التعليم الذي نجده في كلمة الله. حيث نرى كيف أن نمو فهم صموئيل لكلمة الله وخدمته للرب يسيران جنبًا إلى جنب معَّ نمو صموئيل (1 صموئيل 3). كذا امتلأ يوحنا المعمدان بالروح القدس من بطن أمه (لوقا 15:1)، بالإضافة إلى تشجيع يسوع للأطفال للقدوم إليه (متى 13:19-15).
مبدآن عليكم تطبيقهما
كذلك أثناء زراعتنا لتلك الكنيسة طبَّقنا مبدأين، عليكم تطبيهما:
1. كُلَّهُمْ سَيَعْرِفُونَنِي مِنْ صَغِيرِهِمْ إِلَى كَبِيرِهِمْ.
عندما تنبَّأ الله بأيام العهد الجديد (إرميا 31:31-34)، قال “أَجْعَلُ شَرِيعَتِي فِي دَاخِلِهِمْ وَأَكْتُبُهَا عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَأَكُونُ لَهُمْ إِلهًا وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْبًا. وَلاَ يُعَلِّمُونَ بَعْدُ كُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ، وَكُلُّ وَاحِدٍ أَخَاهُ، قَائِلِينَ: اعْرِفُوا الرَّبَّ، لأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ سَيَعْرِفُونَنِي مِنْ صَغِيرِهِمْ إِلَى كَبِيرِهِمْ”. ومن هُنا نفهم إن الله يُخلِّص الصغير بنفس الطريقة التي يُخلِّص بها الكبير، عن طريق نعمته السياديّة الفعَّالة، ومن خلال إعلان كلمته وتطبيقها في أعماق القلب.
بينما كان الرب يضم عائلات جديدة إلى كنيستنا، بما في ذلك العائلات التي آمَنَ فيها الوالدان حديثًا بالمسيح، بدأنا في إنشاء برنامج تعليمي للأطفال بناءً على نفس نص العظة الأسبوعيّة. كان هذا البرنامج مصحوبًا بمهام “الواجب المنزلي” للقيام بها معًا كعائلة خلال الأسبوع.
وبهذه الطريقة، تم تجهيز الوالدين بالكلمة الموعُظة وبدعم الكنيسة في تعليم رسالة الإنجيل لأولادهم. إنّ الوعظ التفسيريّ إصحاحًا إصحاحًا من كلمة الله قد ساعد الكنيسة بأكملها، صغيرًا وكبيرًا، في النمو معًا.
كثيرًا ما نقول لأنفسنا أن مسؤوليّة الأطفال تقع على عاتق الكنيسة بأكملها. لذلك قمنا بتجسيد هذا من خلال تشجيع تعليم الأطفال بحضور شخصية من الذكور والإناث، وإشراك الجميع عمليًا في الكنيسة: الأجداد والآباء والشباب والعُزَّاب. وبينما كُنَّا نفعل ذلك، كانت تظهر في بعض الأحيان هَدَايَا غير متوقّعة.
2. في المسيح سيحيون جميعًا.
يُظهر الرسول بولس أن الوعد بالانتماء إلى جماعة العهد يتحقَّق من خلال التوبة والفداء الذي قدمه المسيح لأجلنا (1 كورنثوس 21:15-22).
في خبرتنا: أدى إدراكنا لمركزيّة الكلمة الموعُوظة والُمعاشة، إلى تشجيع الصغار على توقُّع أن يكونوا جزءًا من عائلة الكنيسة. لذا وضعنا لأنفسنا هدفًا أوليًّا وهو أنه اعتبارًا من العام الأخير من المدرسة الابتدائية، سيشارك الأطفال في العبادة الكنسيّة بأكملها مع الكبار. تطلَّب هذا التزام الواعظ بأن يعظ بالمسيح بطريقة مفهومة للصغار وكذا تتحدَّى كبار السن، معَّ أمثلة توضيحيّة وتطبيقات لكل جيل.
تطلَّب الأمر التزامًا من الكنيسة بأكملها لتعيش رسالة الإنجيل بطريقة حقيقيّة وعمليّة لكل الأعمار. ويا له من فرحًا عظيمًا عندما رأيت كيف اجتازت الفتاة الأولى بشكلٍ طبيعي من اجتماع مدارس الأحد إلى “اجتماع الكبار”. لم تكن تعرف فقط قصة “خروج شعب الله من أرض مصر”، التي كُنَّا ندرسها في ذلك الوقت، ولكن منذ يوم الأحد الأول لها كانت قادرة على المشاركة في الأسئلة والتطبيقات التفاعليّة للعظة.
لقد كبرنا جميعًا معًا في العالم، وسط الصعوبات والمضايقات، لكننا ساعدنا الآخرين في التقدُّم إلى الأمام معّنا دون ترك أحدهم خلفنا، أو في منزله وحيدًا. البركة التي حصلنا عليها في هذه الأشهر، هي رؤية الأطفال الصغار وهم يستمعون إلى العظات بشكلٍ طبيعي مثل الكبار. حيث طَلَبَ منَّا اثنان من الأطفال المراهقين أن نعطيهم كشكول لتدوين الملاحظات. حتّى الأطفال الأصغر سنًا بدأوا في التفاعل بشكلٍ مناسب معَّ كلمة الله وفي الاستجابة للأسئلة التفسيريّة والتطبيقيّة التي تُطرَح على الكنيسة.
يحتاج المؤمنون وغير المؤمنين، والكبار والأطفال، على حدٍ سواء إلى تلقي نفس رسالة الإنجيل، ليختبروا نفس الخلاص بالنعمة، وليتغيَّروا بالمسيح ليكونوا شبه وليعيشوا لمجده.